top of page

التغيير المؤسسي

  د. أحلام القباطي

التغيير الفردي والتنظيمي_edited.jpg

عندما لا تعود الأساليب والممارسات متناسبة مع الأهداف ولا الأهداف متناسبة مع الغايات البعيدة لأن الزمن قد تجاوزها ولم تعد الحاجة إليها نتيجة التغيرات المتسارعة هنا يصبح التغيير ضرورة؛ لأن ثمن عدم التغيير سيكون باهظاً.

 

إن المؤسسات  الناجحة في القرن الحالي لن تكون سوى تلك المؤسسات التي يتوافر بها قادة يؤمنون بحتمية التغيير الممنهج الذي يقوم بتوجيه النشاط نحو مستقبل قادر على إحداث التغيير ويُمَكِّنُ من التعامل مع المستجدات الحالية الملموسة بما لدينا من معطيات الماضي البعيد، و يُمكِّن من استخدام مفاهيم العمل وآلياته السابقة للتعامل والتعايش مع معطيات الفترة الحالية.

يعرف التغيير بالتحول من الوضع الحالي إلى الوضع المستقبلي (المستهدف)، وفي العلوم التنموية ينظر للتغيير على أنه وسيلة  منهجية لاعتماد نمط جديد ومناسب لتحقيق الأهداف التنموية والإعمارية، أي أن التغيير يحدث من أجل أن ترفع المؤسسة أو الهيئة جاهزيتها لمجابهة التغييرات المتوقعة  والتعامل معها بشكل منهجي يخدم أهدافه.

للتغيير أنواع عديدة منها: التغيير السريع، والشامل والجزئي، والتنظيمي، والاجتماعي، والسياسي، والإداري، وأخيراً الاقتصادي. وهو يقوم على عدة مستويات: فردي، وجماعي، ومؤسسي ،  وإقليمي، وعالمي.

في هذا المقال سيتم تناول التغيير المؤسسي،  من منطلق أن القدرات المؤسسية لابد أن تتسم بميزة القدرة على تحقيق  التغيير لتكون مهارة تنظيمية أساسية توفر خاصية التميز التنافسي لمنح المؤسسة القدرة على التكيف الفعال مع الأنظمة المؤسسية المتجددة وفقا لمتطلبات سوق العمل.

إن الموارد البشرية هي الأساس المطلق لأي مؤسسة،  وفي الوقت ذاته إن مقاومة التغيير هي رد الفعل الطبيعي للبشر؛  لذا لابد لأي هيئة تقرر إجراء تغيير مخطط ومنظم أن تشرك الأفراد المنتمين لها في وضع النظام ليتحقق  التغيير  المطلوب بما  يدعم المؤسسة  في أوقات التغيير،

  الأمر الذي يمكن أن يجعل العاملين متكيفين وقادرين على  التجاوب مع التغيير بما يعينهم على تنفيذ مهامهم بشكل  فعال.

عندما تخطط المؤسسة لإحداث التغيير على المستوى الفردي فإنه يصعب على الإدارة العليا متابعة التغيير على مستوى كل شخص على حدة؛ إذ تظهر عدة مظاهر لمقاومة التغيير، مثل الغضب والصراعات المتكررة  وتوجيه اللوم لبعضهم بعضاً، مما ينتج الإحباط والتهرب من المسؤولية ورميها على الآخرين. ومن هنا، لابد من إدارة التغيير والإعداد  الجيد  للعملية  تحديد خطواتها وإجراءاتها  التي يجب اتخاذها لدعم  العشرات أو المئات من الأفراد المستهدفين وتحديد آلية المتابعة.

ثمة أسباب تدفع إلى إحداث التغيير المؤسسي منها:

 

  • التهديد، ويتمثل بالاستشراف أو التكهن  بوقوع أحداث جديدة في المستقبل القريب قد توثر على المؤسسة واستمراريتها.

 

  • الأزمة، وتتمثل في إدراك أن الأمور يجب أن تتحرك وتتغير للأفضل، وأن الوضع الحالي غير مرضٍ.

 

  • الفرصة، وتتمثل في إدراك الإدارة العليا للمؤسسة أن التغيير في بيئة العمل سيكون أفضل، وبالتالي لا يجب تفويت هذه الفرصة، وينبغي العمل على تطوير مهارات الجميع بما يتلاءم مع الأوضاع الجديدة، وهنا لابد من منطقية الإجراءات سواء بمراعاة القدرات أو الزمن المناسب للجميع، ويجب عدم اتخاذ إجراءات مستعجلة قد تحبط الأفراد  وتقود إلى نتائج عكسية.

 

وعلى كل حال، تتضمن عملية  التغيير المؤسسي  أولاً إجراء عملية تحليل للوضع الراهن بغرض الوقوف على نقاط القوة والضعف وتحديد الفرص والتحديات التي قد تواجه المؤسسة،  ومن ثم تحديد الاحتياجات الأساسية سواء للمجموعات أو للأفراد الذين سيحتاجون إلى عملية التغيير، وكذا بغرض الوقوف على ماهية التغييرات التي يحتاجونها لتنفيذ مهامهم بشكل أفضل، ومراجعة توصيف المهام بما يناسب قدرات الأفراد. ثم تتضمن عملية التغيير على مستوى المؤسسة  إنشاء خطة منهجية للتأكد من حصول الموظفين المتأثرين بالتغيير على التدريب والمهارات  التي يحتاجونها من أجل تنفيذ التغيير بنجاح.

 

ولضمان فاعلية التغيير لابد أن يقوم التغيير وفق خطوات أساسية تبدأ من التخطيط للتغيير،  ثم توجيهه، ثم تنفيذه ومتابعته، بالإضافة إلى التقييم الدوري للتغيير وإعطاء كل مرحلة زمنها المناسب.  مع ضرورة تحديد أهداف التغيير وتوضيحها. ويشمل ذلك أيضاً تحديد الموارد والأفراد الذين سيقومون بتنفيذ مراحل عملية التغيير مع حتمية مراعاة الروح المعنوية لجميع الأفراد في تقبل عملية التغيير بما يخدم أهداف المؤسسة وعدم إهمال مصالح الأفراد ونفسياتهم ورضاهم الوظيفي لأنهم هم أداة التغيير وغايتها.

Name, Title

.تحليل ذو قيمة

bottom of page