top of page

كبار السن والاستيعاب قبل الأخير   

 د. جميلة يعقوب

كبار السن والاستيعاب المتأخر.jpg

    في كثير من دول العالم تكون لهذه مرحلة الشيخوخة أهمية خاصة من الناحية النفسية والصحية، وتستدعي الاستيعاب المهاري لقدراتهم, والاهتمام بصحتهم، الأمر الذي سيزيل عن المسنين كآبة المرحلة ويشغل وقتهم بما يدخل السرور على نفسياتهم، وتكون أيضا تجربة لأن تأخذهم المسن من لحظاتهه المعقدة وتفتح أمامهم طريقاً للنور ولو بواسطة بعض الأدوات التي سيقضون فيها أوقاتهم وتشعرهم بالأهمية وبالحب، وتكون كافية لأن يعيشوا تلك الفترة بسلام وحب وهدوء نفسي وصحي.

 تحدث الشيخوخة على مستوى التغييرات الجسدية نتيجةً لتراكم كميات كبيرة من نواتج تفاعلات الجزيئات والخلايا مع مرور الوقت؛ مما يؤدي إلى تضاؤل تدريجي في القدرات الجسدية والنفسية، وزيادة احتمالية الإصابة بالأمراض، ثم الموت في نهاية الأمر.

 

لكن هذه التغييرات ليست حتمية، فقد يصل بعض الأشخاص إلى عمر السبعين وهو يتمتع بصحة جيدة، بينما يصيب بعضهم الوهن ويحتاجون إلى رعاية الآخرين.

إن فترة الشيخوخة هي حقيقة بيولوجية، لها طريقتها المعينة في الحدوث خارج نطاق التحكم البشري، وتختلف محدداتها من مجتمع لآخر، ففي الدول المتقدمة يعدُّ العمر مؤشرًا على الشيخوخة على أساس أن (60-65) عامًا هو عمر التقاعد وبداية الشيخوخة، وفي عدة مناطق أخرى لا يؤخذ العمر بعين الاعتبار لتحديد شيخوخة الشخص، فهنالك عوامل

 

أخرى تحدد سن التقاعد كالقدرة على أداء الأعمال الموكلة إليه، أي أن الشيخوخة - وفق هذا التصور- تبدأ عند عدم قدرة الشخص على المشاركة بشكل فعال في المجتمع.

وتتنوع العوامل التي تؤثر في الجانب النفسي والصحي والاجتماعي لكبار السن، منها العوامل الفردية المتمثلة في العادات والتصرفات والتغيرات الناتجة عن التقدم في العمر, والعوامل

 

الجينية المتمثلة في الأمراض، والعوامل البيئية على مستوى بيئة المنزل، والتقنيات المساعدة، والمواصلات، والمرافق الاجتماعية.  في حين تتنوع المشاكل الصحية الشائعة لدى كبار السن ما بين مشاكل صحية بدنية, ومشاكل عقلية ونفسية، ومشاكل اجتماعية أخرى.

يقصد بشيخوخة صحية آمنة القدرة على القيام بالأنشطة اليومية الأساسية مثل تناول الطعام، وارتداء الملابس، والاستحمام، والمشي، واستخدام دورات المياه بدون مساعدة الآخرين لأطول فترة عمرية، حتى مع استخدام أدوات مساعدة للمشي والتنقل مثل العصا أو"مشاية" كبار السن. وللوصول بالمسن إلى شيخوخة صحية آمنة  لا بد من الاستعداد لها من زمن مبكر، وهناك بعض الأمور التي تساعد الشخص على المحافظة على صحته عندما يتقدم في السن، من أهمها:

  1. المحافظة على السلوكيات الصحية: مثل النظام الغذائي المتوازن، والنشاط البدني المنتظم، والامتناع عن التدخين للمساعدة في الحد من مخاطر الإصابة بالأمراض المزمنة, وتحسين القدرات البدنية والعقلية, والاحتفاظ بوظيفة الإدراك, وتأخير الاتكالية أو الاعتماد على الآخرين, فالوقاية من الأمراض المزمنة عبر مراحل الحياة تمنع تراكم الآثار السلبية وعوامل خطورتها، وهو ما يؤدي إلى تقليل خطر الإصابة بمرض السكري أو ارتفاع ضغط الدم، ويقلل أيضاً من خطر الإصابة بمضاعفاتهما، وأهمها الإعاقة الجسدية والجلطة الدماغية وأمراض القلب والأوعية الدموية.

  2.  الحرص على القيام بالفحوصات الطبية الدورية.

  3. البقاء في البيئات الداعمة التي تساعد على القيام بالأعمال المهمة لهم بغض النظر عما فقدوه من قدرات، مثل: إتاحة المباني ووسائل النقل المأمونة التي يسهل الوصول إليها، والطرق التي يسهل السير فيها.

  4. أخذ قسطٍ كافٍ من النوم، حيث يشكو كثير من المسنين من مشكلات في النوم مثل: الأرق، والنعاس أثناء النهار، والاستيقاظ المتكرر أثناء الليل.

 

وفي الأنحاء، حين نراقب عيون المسنين التي تبحث عن قريب أو صديق أو جار ليساعدهم  يتأكد لنا حجم المسؤولية المجتمعية التي لا بد أن تكون على عاتق الأقرباء والأرحام وذوي العلاقة المباشرة بكبار السن بشكل أساسيٍ، ثم على عاتق المؤسسات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني المتخصصة, ويبقى على الجميع حجم الدور البارز من المسؤولية تجاه المسنين ورعاية احتياجاتهم المختلفة التي تضمن لهم الحياة الآمنة التي تلبي كل متطلباتهم.

Name, Title

.تحليل ذو قيمة

bottom of page