الصحة والسلامة المهنية
د. جميلة يعقوب
اهتمت منظمة الصحة العالمية ومكتب العمل الدولي منذ عام 1950م بالصحة والسلامة المهنية؛ حيث بلغت التقديرات العالمية للوفيات المرتبطة بالعمل (2.000.000) وفاة كل عام.
وقد أصبح مجال الصحة والسلامة المهنية علماً قائماً بذاته، يهدف إلى وضع قواعد ونظم يمكن تحقيقها ضمن إطار تشريعي من أجل الحفاظ على صحة الإنسان وحياته من خطر الإصابة، والحفاظ على ممتلكاته وممتلكات المؤسسات من الضياع والتلف.
تعددت الاهتمامات في جانب السلامة والصحة المهنية؛ إذ يدل لفظ الصحّة والسلامة المهنيّة على ذلك العلم الذي يهتم بالمحافظة على سلامة الإنسان وصحته وقت أدائه لعمله من خلال توفير البيئة المناسبة والآمنة التي تخلو من أي مسببات للحوادث والإصابات أو الأمراض المهنيّة.
وتشمل السلامة المهنيّة جميع المجالات الحياتية، ولذا لا بد من اتباع قواعد السلامة عند التعامل مع أي شيء قد يسبب الأذى والضرر، كالتعامل مع الحالات المعدية والمخلفات الطبية والأدوات الحادة والكهرباء وقيادة السيارة وحتى عند السير في الشارع.
إن من أبرز أماكن العمل التي لا بد فيها من توخي الحذر واتباع قواعد السلامة بصورة عالية هي المصانع، لا سيما تلك التي يكون التعامل فيها مع مواد خطرة، كمصانع الأدوية والمنشآت التي يكون فيها ازدحام عمالي أو عدد كبير من الأشخاص كالمؤسسات الكبيرة والتعليمية والصحية.
وكثيراً ما يتبادر إلى أذهان بعضنا أن إدارة الموارد البشرية في المؤسسات هي من تكون مسؤولة عما يخص الموظفين من توظيف وتدريب وتقييم للأداء، أما صحة الموظفين وسلامتهم وأمراضهم -التي قد تكون بسبب إهمال الموظف أو العامل لنفسه وطريقة تنفيذه للمهام- فليس من شأنها.
إن الاهتمام برأس المال البشري -الذي هو أهم ما تملكه المؤسسة- هو من أساسيات عمل إدارة الموارد البشرية؛ إذ يندرج ذلك من خلال عدة تصنيفات تتبلور في عدة أسباب منها: الواجب الأخلاقي الذي يحتم على المؤسسةِ الاهتمامَ بالعاملين وحمايتهم من إصابات العمل والأمراض التي قد يتعرضون لها تدريجياً بسبب تراكمات أداء العمل عبر الزمن، لا سيما أن سبب نجاح أي مؤسسة وإنتاجيتها هم العاملون، بالإضافة إلى التشريعات والقوانين التي تلزم المؤسسات بتوفير كل وسائل الحماية والوقاية حتى لا يتعرض أي موظف فيها للخطر أو الإصابة، كما أن القوانين قد تلزم الشركات بتقديم التأمين الصحي لموظفيها وبالذات في الأعمال التي تتطلب ألبسة خاصة أو أدوات حماية كالقفازات أو حامية الرأس أو الوجه، بالإضافة إلى تسهيل العمل بتوفير أجهزة تساعد العامل على تجنب العمل بيده أو بذل جهد مضاعف.
وتشكل إصابة العاملين تكلفة مادية على المؤسسة التي تظهر في شكل تعويضات مدفوعة للعاملين أو لأسرهم عند تعرض موظفيها للإصابة أو إعاقة أو ربما قد تؤدي للوفاة، بالإضافة إلى تكاليف الإصلاح أو الاستبدال لما تم إتلافه من أدوات ومعدات أو أجهزة أو تكاليف أخرى غير مباشرة كتكاليف اختيار العامل الجديد -الذي سيحل محل العامل المصاب- وتدريبه.
وتهدف برامج الصحة والسلامة المهنية إلى مساعدة الأفراد في الآتي:
-
إلحاق العامل بالعمل الذي يتناسب مع قدراته النفسية والبدنية لكي يحقق الانسجام بينه وبين العمل الذي سيقوم به.
-
الحرص على حماية العامل في بيئة العمل من الأخطار الناجمة عن وجود عوامل تضر بصحته.
-
ضمان عدم حرمان العامل من أسباب الصحة بسبب ظروف عمله.
-
تحقيق أعلى درجات اللياقة الاجتماعية والنفسية والبدنية للعاملين في كل مجالات العمل المختلفة والمحافظة عليها.
-
ولا شك أن عدم ضمان صحة العاملين وسلامتهم النفسـية والبدنيـة وراحتهم فـي بيئـة العمـل هو عامـل يؤثر بشـدة فـي تـدهور منظومـة العمـل والإنتـاج والنشاط الاقتصادي؛ لذلك يجب على المؤسسات الاهتمام بهذا الجانب ومعرفة كيفية تلافي أي قصور فيه.
Name, Title
.تحليل ذو قيمة