top of page

الإدارة الذاتية في التعليم

د. فتحية محمد

بناء القدرات.jpg

 مع بدايات ثمانينيات القرن الماضي ظهرت الإدارة الذاتية بوصفها أحد الأساليب الإدارية الحديثة اللامركزية لإصلاح التعليم الذي يواجه العديد من التحديات التي تعيق تحقيق أهدافه في المدارس.

 

يقوم مفهوم الإدارة الذاتية على المشاركة والحرية والاستقلالية والمساءلة من خلال إشراك أطراف العملية التعليمية والمعنيين بها في عملية صناعة القرارات بما يحسن من التعليم في المدارس. وقد ظهرت الإدارة الذاتية لتكون أحد التوجهات الإدارية اللامركزية لمواجهة الصعوبات التي تواجه المدراس التي تحد من قدرتها على تحقيقها أهدافها بفعالية. ومن تلك الصعوبات:

 

ضعف كفاءة الأنظمة التعليمية، البيروقراطية الزائدة في كل ما يتعلق بالقرارات التي تخص العملية التعليمية داخل المدراس، ضعف المخرجات التعليمية، ضعف المشاركة المجتمعية، صعوبة تقييم أداء المدارس، زيادة ضغوط التنافسية بين المؤسسات التعليمية والحاجة لتحسين الأداء وجودة المخرجات التعليمية وغيرها من الصعوبات.

تعرف الإدارة الذاتية بأنها استراتيجية تقوم على مبدأ اللامركزية، وهي تهدف إلى تحسين التعليم وتطويره؛ إذ يُمنح أعضاء الإدارة المدرسية سلطة واستقلالية في اتخاذ القرارات،

فتصبح المؤسسة التعليمية بذلك أكثر مسؤولية واستقلالية وقدرة على تسيير شؤونها وتيسيرها بما يتناسب مع احتياجاتها وإمكانياتها المتاحة.

ترتكز الإدارة الذاتية على جعل المؤسسة التعليمية وحدة رئيسة في صناعة القرار من خلال منحها المزيد من السلطة والاستقلالية، وتخصيص التمويل المناسب والبعيد عن سيطرة السلطات التعليمية المركزية، كما ترتكز على الإصلاح الفعال من خلال إتاحة الفرصة لجميع المعنيين بالمشاركة في صناعة القرار.

وتهدف الإدارة الذاتية إلى تمكين جميع الأطراف المعنية بالتعليم من المشاركة الفعالة في عملية صناعة القرار، وتحسين جودة العمليات والتخطيط عن طريق التقييم المستمر وتحديد الاحتياجات لوضع الخطط التي تعبر عن احتياجات المؤسسة التعليمية، بالإضافة إلى تحسين أداء العاملين لتعزيز إنجازات الطلبة والعمل على رفع مستوياتهم العلمية.

وتتطلب عملية تطبيق الإدارة الذاتية توفير تمويل مناسب وكافٍ، والمشاركة المجتمعية من المهتمين بالعملية التعليمية، والعمل على التنمية المهنية للعاملين في المدرسة سواء للإداريين أو للمعلمين، وتوفير المعلومات الخاصة بالمجتمع المدرسي لمن يشاركون في الإدارة الذاتية كي يتمكنوا من المشاركة في صناعة القرارات المتعلقة بالمدرسة ولإضفاء طابع المسؤولية.

شهد قطاع التعليم في اليمن -منذ صدور قانون السلطة المحلية عام 2000- توجهاً نحو اللامركزية على مستوى مكاتب التربية والتعليم في المحافظات، غير أن الأدوار غير الواضحة في نظامي التعليم الأساسي والثانوي، والافتقار إلى التفاصيل القانونية الخاصة باللامركزية، وضعف مستوى الشفافية في العمليات، والامتثال لمبادئ المركزية التقليدية، وضعف تدريب الكوادر البشرية، ومحدودية قطاع التعليم، كل ذلك لم يكن داعماً لإنجاح القانون على الواقع العملي.

 

أما على مستوى المدارس فقد وجدت -في إطار تمويل خارجي- مبادرات تجريبية لتحقيق نوع من اللامركزية، منها مبادرة تعليم الفتاة ((IBRIDGEI التي مولتها الوكالة اليابانية للتعاون الدولي، ومشروع التعليم الأساسي ( (IBEDPIالمدعوم من اليونيسيف، وقد أوضحت نتائج تلك المبادرات وجود العديد من المنافع التي استفاد منها المجتمع المدرسي لاسيما عند مشاركة المجتمع المحلي وتكوين مجالس الآباء والمعلمين وغيرهم من المعنيين بالعملية التعليمية في صناعة القرارات داخل المدرسة، حيث ارتفع مستوى جودة التعليم في تلك المدارس، ووُجِدَ شعور عال بالرضا بين المعلمين فقد نُمِّيتْ مهاراتهم، وأُتيحت لهم فرص للمشاركة في التخطيط المدرسي وفق احتياجات مدارسهم، والعمل وفق خطط علمية لتحقيق  أهداف العملية التعليمية.

يجد التوجه نحو اللامركزية (الإدارة الذاتية) نجاحاً في ظل بيئة تشريعية مناسبة، وفي وجود تمويل داعم لعمليات التدريب، وتوفير احتياجات المدرسة، ومشاركة فعالة من المعلمين ومجالس الآباء والمجتمع المحلي المحيط بالمدارس من أجل تحسين العملية التعليمية ورفع مستوياتها التعليمية والعلمية للطلبة.

Name, Title

.تحليل ذو قيمة

bottom of page