top of page

ذوو الاحتياجات الخاصة

د .طه فارع غالب

محرم.jpg

هناك مواضيع وأمور إنسانية في حياتنا ومن حولنا من المهمّ أن ندركها ونفهم معانيها، منها فئة "ذوي الاحتياجات الخاصة" أو ما يطلق عليها البعض اسم "ذوو الإعاقة". إنما ذهب العديد من المهتمين والباحثين في هذا الجانب إلى تفضيل مفهوم "ذوي الاحتياجات الخاصة" لما فيه من الذوق والأدب المطلوب في التعامل مع أصحاب هذه الشريحة التي تتصف بخصائص محدّدة بين شرائح المجتمعات الأخرى لظروفها الصحية الجسدية أو العقلية، والتي قد تحدّ من تعامل أفرادها بشكل طبيعي في واقع الحياة.

وقد عرفت الأمم المتحدة هذه الشريحة المهمّة داخل المجتمع باعتبار أفرادها يُعانون حالة دائمة من الاعتلال الفيزيائيّ أو العقليّ في التّعامل مع مختلف المُعوّقات والحواجز والبيئات، ممّا قد يمنعهم من المشاركة الفعّالة في المجتمع بالشّكل الذي يضعهم على قَدَم المُساواة مع الآخرين. إذ ذكرت منظمة الصحّة العالميّة في موقعها أنّ الإعاقة هي مفهوم جامع يشمل تحت مِظلّته مختلف الاعتلالات أو الاختلالات العضويّة، التي تَحدّ من المُشاركة الفاعِلة[1].

وحتى نستوضح مفهوم وأساليب ذوي الاحتياجات الخاصة لا بدّ من مناقشة عدد من الاستراتيجيات المستخدمة للتعامل مع أولئك الأفراد، ممثلة في ضبط المشاعر أثناء التعامل معهم وإخفاء مشاعر الشفقة عليهم أو إظهار التخوّف منهم، مع تفهّم حالة المصاب بالإعاقة باعتباره متعايش مع وضعه.

 

لذلك، ليس من المستحسن إشعار ذوي الاحتياجات الخاصة بعدم قدرتهم أو حاجتهم للمساعدة طيلة الوقت، إضافة إلى تجنّب الفضول والسؤال عن سبب إعاقتهم، كما يفضل أن يكون الحوار معهم مليئاً بالإيجابية وبثّ الأمل لديهم.

 

كلّ ذلك بالتّوازي مع التزام الحكمة والصبر في التعامل معهم. فمن الضّروري أن يستوعب الجميع أن الإعاقة عند أصحاب هذه الشريحة من المجتمع لا تعني في كلّ الأحوال عدم ذكائهم أو قدرتهم الكاملة على العمل والابتكار، بل على العكس قد يكون لدى الكثير منهم صفات إبداعية وجوانب عملية نوعية أخرى يتميّزون بها عن غيرهم من أقرانهم الطبيعيين.


 

كما لا يخفى على الكثير من الناس ما يعانوه ذوو الاحتياجات الخاصة من التحدّيات التي تُؤثّرُ على حياتهم وحياة أسرهم؛ حيث حاجة هذه الفئة إلى تعامل خاص للعناية بأفرادها، والاهتمام بشؤونهم، ممّا قد يجعلهم يواجهون العديد مِنَ العقبات للإندماج مع البيئة المحيطة بهم.

وتأخذ هذه التحديات العديد من الأشكال، تأتي من أهمّها التّحديات السلوكية. وهي عبارة عن مجموعة من العوامل المؤثرة على ذوي الاحتياجات الخاصّة، والتي ينتج عنها مجموعة من السلوكيّات غير المألوفة أو غير الطبيعيّة عنهم؛ بسبب مُعاناتهم في خللٍ بوظائف الإدراك العامّة، وتفرز التحدّيات السلوكيّة العديد من العوائق لهم، تمنعهم من الإندماج مع الواقع بطريقةٍ صحيحة.

ومن التحديات التي تواجه هذه الفئة أيضًا تحديات في مجال الصحة العقلية. إذ تعتبر قياساً للحالة الصحيّة لعقل ذوي الاحتياجات الخاصة، وتتراوحُ ما بين الحالات البسيطة والصّعبة؛ وعادةً ما ترتبطُ الصّحة العقليّة بالإصابةِ بإحدى الاضطرابات التي يُطلقُ عليها مسمى المُتلازمات؛ وهي عبارة تصف حالات خاصّة تُولدُ مع الطّفل وتستمرّ أغلبها مدى الحياة، وقد يتمُّ التخلّص منها عن طريق توفير علاجات دوائيّة وتأهيليّة مُعيّنةٍ،

ومن أهم هذه المُتلازمات التي تحدث: متلازمة داون، والاكتئاب والقلق، وغيرها.

كما تأتي من تلك التحديات، تحديات في مجال التّعليم التي تعتبر من أصعبِ أنواع التحدّيات التي تواجه ذوي الاحتياجات الخاصّة. فبسبب ضعف الخبرة الكافية حول الطّرق المُناسبة للتّعامل معهم منذ مرحلة الطّفولة ينتجُ عن ذلك استمرار الحالة الخاصّة معهم، وقد يُؤدّي إلى تطوّرها بسبب التّعامل مع الطّفل باعتباره مشكلة يجبُ تجنُّبها بدلاً من التّعامل معها ومُحاولة البحث عن حلول سليمة لها. 

أخيرًا، إن ذوي الاحتياجات الخاصة جزء لا يتجزّأ من المجتمع. لا يجوز النظر إليها بسلبية أو انتقاص، أو كونها عالة على باقي المجتمع. إنما يجب اعتبارها شريحة مجتمعية ذات ظروف استثنائية خاصة، قابلة للتأهيل والإندماج في أوساط المجتمع، بل والإنتاج في واقع الحياة المعاش إذا ما تمّ الاهتمام المطلوب بها، ومنحها الدعم الإيجابي من المجتمع الذي تعيش به والجهات المعنية الخاصة برعايتها.

Name, Title

.تحليل ذو قيمة

bottom of page