top of page

البطالة ومستقبل الشباب

 د. فتحية  الهمداني

البطالة.jpg

برزت ظاهرة البطالة بوصفها إحدى الظواهر الاجتماعية التي سيطرت بشكل كبير على الدول الصناعية. وبمرور السنين وزيادة التقدم التكنولوجي اتسعت البطالة بصورة واضحة،

مما ساعد في ظهور كثير من المشاكل التي تؤثر في المجتمعات، وهو أمر يتطلب القيام بمعالجات لمسبباتها، والحد من زيادة انتشارها بشكل فوري.

 تتمثل البطالة في نقص فرص العمل وقلة الدخل، وهي ظاهرة اجتماعية لا تقتصر على مجتمع بعينه؛ بل هي موجودة في الكثير من المجتمعات والحضارات المختلفة على مر العصور.

تنتشر البطالة اليوم في الكثير من الدول العالم المتقدمة، أو النامية، وتتعدد أسبابها من بينها التقدم التكنولوجي وما أنتجه من انخفاض فرص العمل بسبب أتمتة كثير من الوظائف، وكذلك انخفاض الموارد الاقتصادية في بعض البلدان تقابله زيادة في عدد السكان،

وكذا قلة فرص العمل التي لا تتوافق مع الزيادة السكانية. وأخيراً، ضعف قدرات مخرجات الأنظمة التعليمية لمواجهة المتطلبات الحديثة لسوق العمل المتسارع والمتغير، بالإضافة إلى ما تتركه النزاعات والحروب من آثار تدميرية.

تؤثر البطالة على الشباب تأثيراً سلبياَ؛ إذ يظهر الانحراف، وإدمان المخدرات، والأمراض النفسية نتيجة الشعور بالضياع، بالإضافة إلى ارتفاع معدل الفقر، وزيادة مخاطر الركود الاقتصادي، وارتفاع معدل الهجرة وغيرها من النتائج السلبية. وتختلف نِسَبُ البطالة من مجتمع لآخر؛ فالفرد قد يولد فقيراً لكنه لا يولد عاطلاً، والبطالة ليست إنتاجاً فردياً بقدر ماهي مشروع جماعي يشترك كثير من الشباب فيه. تبين مؤشرات التقارير عن البطالة في الدول العربية النسبة المخيفة لها؛ فقد بلغ معدل البطالة عند الشباب في الدول العربية (26.44%)

وهو المعدل الأعلى في العالم مقارنة بالمتوسط العالمي للبطالة البالغ نسبته (13.62%).

تبرز البطالة بصورة واضحة في فئة الشباب ما بين (15-24) عاماً، تمثل هذه الفئة ما يقارب (17%) من سكان الدول العربية، ويبلغ عددهم (74) مليونَ نسمة من إجمالي سكان الدول العربية، وتعد نسبة البطالة هذه في بلدان تمتلك الكثير من الموارد والثروات الاقتصادية المتنوعة - بحرية و زراعية ونفطية وسياحية وغيرها- نسبة مرتفعة ومخيفة، لا سيما أن هذه الثروات  تتطلب في الواقع الكثير من الأيدي العاملة باختلاف مهاراتها ما بين مهارات يدوية وفنية وتخصصية، فما تحتاجه تلك الموارد للاستفادة منها بصورة فعالة ليس بتلك الصعوبة المتوهمة، والسؤال الآن: أين يكمن الخلل في ارتفاع نسبة البطالة في بلدان تمتلك مواردَ بشرية متنوعة الفئات والنوع، ومواردَ اقتصادية متنوعة المداخل؟

      يمكن القول إننا – في الدول العربية - بحاجة إلى رؤية واضحة وبعيدة المدى لما يجب أن يكون حالياً، وما يجب أن يكون مستقبلاً، يتم ذلك من خلال وضع استراتيجيات مبنية على تخطيط استراتيجي بمستوياته الثلاثة (قصير- متوسط- بعيد) الذي يجب وضعه وفق تشخيص واقعي للاحتياجات الحالية والمستقبلية، وفي ضوء الإمكانيات والموارد الاقتصادية واحتياجاتها، ومن ثَمَّ وضع استراتيجية تنفيذية بدلاً عن الاستراتيجيات المكتوبة على الورق، استراتيجياتٍ يتم متابعة تنفيذها في إطار الإدارة الرشيدة، بحيث تخدم الأجيال الحالية والأجيال القادمة.

إجمالاً، لا يوجد مجتمع خالٍ من البطالة، إلا أننا نستطيع أن نخفف من نسبة انتشارها، لا سيما في المجتمعات المتعددة الموارد، من خلال اتباع الأساليب الحديثة في التخطيط، والمتابعة المستمرة للإجراءات التنفيذية لتلك الخطط.

Name, Title

.تحليل ذو قيمة

bottom of page