top of page

التعليم الفني والمهني شريان التنمية

د. فتحية الهمداني

التعليم الفني والتنمية.jpg

التعليم الفني والمهني من أهم القطاعات التي تهتم بتدريب العنصر البشري وتمكنه من امتلاك المهارات المتنوعة اللازمة لمواكبة مستجدات العصر الحالي في المجال المعرفي، والتقني، والتكنولوجي، حيث تفرض تلك التغيرات ضرورة توفر كوادر بشرية بمهارات وقدرات عالية الجودة ومتعددة المجالات بصورة تتناسب مع احتياجات سوق العمل وتوفر الكثير من الخدمات للمجتمعات في المجالات التنموية المختلفة؛ لذلك تحشد الكثير من دول العالم العديد من الموارد المتنوعة لتحقيق أهداف التعليم الفني والمهني وبما ينعكس إيجابياً على دوره في عملية التنمية.

  ويعد التعليم الفني والمهني البوابة الأمثل لاستثمار الموارد البشرية؛ حيث يستقطب الكثير من مخرجات التعليم العام. وهو أحد أنظمة التعليم النظامي الذي يمتد بين (2-3) سنوات ويضم أحد جوانب العملية التربوية التي تركز على التعليم العملي من خلال دراسة التقنيات والعلوم المرتبطة بالجانب النظري لمختلف البرامج لاكتساب المهارات والاتجاهات، ومجالات الفهم والمعارف المتصفة بالطابع العملي فيما يتعلق بالمهن والأعمال في شتى قطاعات الحياة الاقتصادية.

 حرصت الكثير من الدول على توفير معاهد فنية، ذات مجالات مهنية وتجارية وصناعية وزراعية وبحرية وغيرها، بهدف إكساب الطلبة عدداً من المهارات والخبرات المتنوعة في مجالات التنمية الاقتصادية، لا سيما أن التعليم المهني تعليم متجدد يواكب تغيرات العصر ومتطلباته في مختلف نواحي الحياة الإنسانية واحتياجاتها في مجالات الاقتصاد البحري والزراعي والبيطري والصناعي وهندسة الالكترونيات والمعدات والمهن الحرفية التي تمثل الكثير بالنسبة للأفراد على مستوى الحياة اليومية وغيرها من المهن والمجالات الاقتصادية التي تؤدى دورًا في نهضة الدول اقتصادياً، من خلال قيام مخرجاتها بدورها في مجالات التنمية الاقتصادية المتنوعة وتوظيف الأيدي العاملة في مختلف مجالات خطط التنمية الوطنية التي يتم إعدادها في ضوء احتياجات المجتمعات، والعمل على تنفيذ المشاريع الخاصة أو الحكومية؛

 

وبذلك يمارس التعليم الفني والمهني دوراً مهماً في تحقيق التنمية الشاملة لتشهد المجتمعات  انخفاضًا في مستويات الفقر والبطالة، وزيادة في مستوى الدخل القومي من خلال عوائد الاستثمار الداخلي أو الخارجي، وتحسن مستوى المعيشة لدى الكثير من الأفراد، مع المساهمة الفعالة وغير المباشرة في الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وهذا بدوره يتيح فرصًا كثيرة للأبداع في مختلف مجالات التنمية، وبذلك يمكن القول إن التعليم المهني والفني يمثل الأرضية المتعددة الأطراف للتنمية.

 

إن نهضة قطاعي التعليم المهني والفني تتطلب العمل على وجود تخطيط استراتيجي للتعرف على احتياجات سوق العمل مستقبلاً، يتم في ضوئه إعداد المشاريع والبرامج والخطط التنفيذية اللازمة لتحقيق أهداف هذا النوع من التعليم المرتبط بالتنمية الشاملة لجميع جوانب الاقتصاد، والعمل على إعداد البرامج الأكاديمية المناسبة للتغييرات الحاصلة في سوق العمل، وتوفير الكوادر الأكاديمية المتخصصة للقيام بدورها في عملية تنمية قدرات الطلبة ومهاراتهم، مع توفير البنية التحتية بما تتضمنه من معدات، ومعامل، وورش، وفنيين وغيرها من المتطلبات اللوجستية لقطاع التعليم الفني والمهني.

وقد شهد قطاع التعليم الفني والمهني في اليمن تطوراً كمياً ملحوظاً خلال سنوات ما قبل الصراع، حيث بلغ عدد المعاهد (161) معهداً للعام 2014م، التحق بها حوالي (66.005) من الطلاب والطالبات في مختلف التخصصات. وتعد هذه الأعداد ضئيلة في مجتمع يتميز بالزيادة السكانية، ويتطلع إلى تحقيق تنمية شاملة. بالإضافة إلى ما سبق، فإن واقع تلك المعاهد يواجه الكثير من الاختلالات المؤثرة على جودة مخرجاتها؛ حيث نجد ضعف الموارد المالية المخصصة لتلك، يتلازم ذلك مع ضعف البنية التحتية من مبانٍ ومعامل وأجهزة ومناهج وتخصصات قديمة لم تعد تتناسب مع احتياجات سوق العمل الحالي بصورة كبيرة، وهو أمر يستدعي تحديثها لتؤدي دورها في عملية التنمية بنجاعة.

التعليم الفني والمهني هو واجهة الدول لتحقيق التنمية؛ لذا لا بد أن يكون ضمن أولويات الإعداد لأي برنامج حكومي، لأن الهدف منه تحقيق تنمية شاملة من خلال تمكين أفرادها لجميع مكوناتها المختلفة، وبما يساهم في بنائها وتطويرها.

Name, Title

.تحليل ذو قيمة

bottom of page